العثرة</A> الثالثة
أختي.. كاميرات تليفزيونية مسلطة عليك في كل مكان.. تبث حديثك وهمسك مع زوجك.. بل وهمومك وآلامك .. وطموحك وفرحك.. بل أن هذه الكاميرات تنقل أدق التفاصيل في مخدعك مع زوجك.
هذه الكاميرات التليفزيونية تنقل هذا كله إلى آذان المستمعين.. ولكن عبر لسانك أنت!!
بعض النساء خاصة حديثات عهد بالزواج، لا تحلو المجالس لهن حتى وإن كان الحديث لأقرب القريبات وأخص الصديقات إلا بالحديث عن الزوج.
قال لي وقلت له.. وأخبرني وأخبرته.. واشترى لي قطعة ذهب بكذا.. وأسورة بكذا.. وذهب بي إلى المكان الفلاني ويريد أن يذهب بي إلى المكان العلاني!!
ثم ينطلق لسانها بضحكة ممجوجة.. تعدد كلمات المحبة التي بثها إليها وعبارات اللطف والود معها وتختم الضحكة بقولها: إنه لن يصبر عني دقيقة واحدة!!
وفي مجلس آخر تتحدث عن نومه وعلى أي جنب ينام.. وكيف يتقلب في نومه.. أدق التفاصيل.. وأوضح الأوصاف!!
وتسترجع شريط الزواج وكيف واجهتها تلك المشكلة.. وكيف تصرفت وماذا عملت .. وماذا قال.. و..
ثم تأتي الضحكات ممن يستمعن طربًا.. ومن قلة عقلها يسخرن عجبًا..
وبعض الزوجات -ممن يستظرفن أنفسهن- تطلق لسانها بضحكات متتالية تروي مواقف مع زوجها لا يجوز بثها شرعًا.. ولا ذوقًا!!
وهناك من تطلق لسانها في تعداد مزايا وصفات زوجها.. وأخرى عيوبه ومساوئه.. وكلا الأمرين مذموم.. غيبة أو نميمة أو حديث لا فائدة من ورائه.. أو حتى إن كان زوجك صاحب عمل أخلص فيه لله ولا يرغب في معرفة أحد به لماذا تهتكين ستره.. وتكدرين إخلاصه..
أختي: حديث خص أذنيك به.. لماذا أطلقت لسانك به.. ثم انظري إلى من أعرنك آذانهن إنهن إحدى امرأتين: إحداهن فرحة مستبشرة بالسعادة لهذه المتزوجة ولكنها في داخل نفسها تتمنى هذا الزوج لابنتها أو أختها أو قريبتها..
وأخرى تقيس الأمر على زوجها وتردد في نفسها.. ما سمعت كلمة طيبة، ولا رأيت لحظة سعيدة.. ولا أعرف همسًا يطرف الأذن بل صراخًا ونكدًا.
فتكوني -أختي- بحديثك وسيلة هدم ومعول فساد لهذه البيوت.
أختي الشابة: بثثت سرك وسر زوجك إلى من لا يقدم لك شيئًا ولا يؤخر.. بل ربما تكوني في أعينهن صاحبة نعمة يحسدنك عليها وتصيبك سهام عيونهن.. والأذن تسمع كثيرًا من ذلك..
كما أنك ستكونين أنت وزوجك حديث المجالس فيروى حديثك عند زوج فلانة التي سمعت الحديث وتصبحين في المجالس حكاية تروى وقصة تحكى.. وماذا قلت وماذا قال؟!
وهذا ليس حديث المرأة المسلمة التي تريد أن تحافظ على زوجها وعلى نعمة ربها.
أختي المسلمة: ما يجري في ليلتك الأولى أو شهرك الأول من طرائف وأحاديث يصل إلى بيوت كثيرة وتسمعه آذان الرجال وتتحدث به ألسنة النساء!!
هل تقبلين بذلك وترضين بهذا؟!
ستقولين لا.. وألف لا..
أختي.. من أخبرهن؟!
إنها الكاميرات التليفزيونية التي في منزلك.
تحدثين قريبتك أو أخص صديقاتك وهي تحدث أختها أو زوجها.. وتستمر الرواية ويتسلسل الحديث ليدخل بيوتًا كثيرة..
هل ترضين بذلك؟!
أمسكي عليك لسانك!!
ما بعد العثرة:قال عطاء بن رباح: إن من كان قبلكم كانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد منها، أتنكرون أن عليكم حافظين، كرامًا كاتبين، عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، أما يستحيي أحدكم لو نشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره، وليس فيها شيء من أمر آخرته؟! [السير: 5/86].</STRONG>